ما هي مشاركة الشيطان للناس في أموالهم المذكورة في قوله تعالى : ( وشاركهم في الأموال والأولاد ).
الحمد لله
شِركته في الأموال : إنفاقها في معصية الله ، قاله الحسن ، وقيل : هي التي أصابوها من غير حلها ، قاله مجاهد .
قال ابن عباس : ما كانوا يحرِّمونه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، وقاله قتادة .
وقال الضحاك : ما كانوا يذبحونه لآلهتهم .
وعن ابن عباس ومجاهد : هو ما أمرهم به من إنفاق الأموال في معاصي الله تعالى ، وقال عطاء : هو الربا ، وقال الحسن : هو جمعها من خبيث وإنفاقها في حرام ، وكذا قال قتادة ، وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أما مشاركته إياهم في أموالهم : فهو ما حرَّموه من أنعامهم ، يعني : من البحائر والسوائب ونحوها ، وكذا قال الضحاك وقتادة .
قال الطبري :
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : عنى بذلك كلَّ مالٍ عصى الله فيه بإنفاقٍ في حرام أو اكتسابٍ من حرام أو ذبحٍ للآلهة أو تسييبٍ أو بحرٍ للشيطان وغير ذلك مما كان معصيا به أو فيه ، وذلك أن الله قال { وشاركهم في الأموال } فكلُّ ما أطيع الشيطان فيه من مالٍ وعصى الله فيه فقد شارك فاعل ذلك فيه إبليس فلا وجه لخصوص بعض ذلك دون بعض .انتهى
أما مشاركة الشيطان في الطعام والشراب - ويضاف إليه المشاركة في المبيت في البيوت وهي من الأموال - لمن ترك التسمية فقد جاء ذلك في حديث جابر بن عبد الله أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء ، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان : أدركتم المبيت ، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال : أدركتم المبيت والعشاء " .
رواه مسلم ( 2018 ) .
وعن حذيفة قال : كنَّا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً لم نضع أيديَنا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده ، وإنَّا حضرنا معه مرة طعاماً فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها ، ثم جاء أعرابي كأنما يدفع ، فأخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه ، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذتُ بيدها ، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذتُ بيده ، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها . رواه مسلم ( 2017 ) .
قال النووي :
ثم الصواب الذي عليه جماهير العلماء من السلف والخلف من المحدثين والفقهاء والمتكلمين أن هذا الحديث وشبهه من الأحاديث الواردة في أكل الشيطان محمولة على ظواهرها ، وأن الشيطان يأكل حقيقة ؛ إذ العقل لا يحيله والشرع لم ينكره بل أثبته ، فوجب قبوله واعتقاده ، والله أعلم . " شرح مسلم " ( 13 / 190 ) .