منذ سبع سنوات ذهبت عند عراف ثم عند كاهن وكنت حينها مصاباً
بالوساس .
وكنت أعلم أن الذهاب إلى الكاهن أو العراف شرك ، ولكني لم أكن أعرف
معنى الشرك وأنه خروج من الملة . وبعد هذه السنين تبت إلى الله تعالى من كل الذنوب
والمعاصي ، وبدأت أقرأ في كتب التوحيد حتى أصحح عقيدتي ، فوجدت أني وقعت في الشرك
الأكبر . فهل لي من توبة ؟ وهل أعيد الشهادة ؟.
الحمد لله
أولاً :
نحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة ، ونسأله سبحانه أن يرزقك الثبات والاستقامة على
الحق .
ثانياً :
قد تظاهرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم الذهاب إلى الكهان والعرافين ، انظر السؤال ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) .
ولكن ليس كل من ذهب إلى كاهن أو عراف يكون مشركاً شركاً أكبر خارجاً عن الملة ،
بل الذهاب إلى الكاهن أو العراف فيه تفصيل ، فقد يكون شركاً أكبر ، وقد يكون معصية
، وقد يكون جائزاً .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" والذي يأتي إلى الكاهن ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله من غير أن يصدقه ، فهذا محرم ، وعقوبة
فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً ، كما ثبت في صحيح مسلم (2230) أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ
لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) .
القسم الثاني : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ويصدقه بما أخبر به ، فهذا كفر بالله
عز وجل ، لأنه صدقه في دعوى علمه الغيب ، وتصديق البشري دعوى علم الغيب تكذيب لقول
الله تعالى : ( قًُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ
إِلا اللَّهُ ) النمل/65 . ولهذا جاء في الحديث الصحيح : ( من أتى كاهناً فصدقه بما
يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) .
القسم الثالث : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ليبين حاله للناس ، وأنها كهانة
وتمويه وتضليل ، وهذا لا بأس به ، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى ابن
صياد ، فأضمر له النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً في نفسه ، فسأله النبي صلى الله
عليه وسلم ماذا خَبَّأ له ؟ فقال : الدخ . يريد الدخان " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (2/184) .
وعليه ؛ فمن أتى إلى عراف أو كاهن وكان مصدقاً له فيما يقول ومعتقدا أنه يعلم
الغيب فقد كفر كفرا أكبر يخرج به من الإسلام ، وأما إذا لم يكن معتقدا لصدقه فلا
يكفر .
وعلى كل الأحوال فباب التوبة مفتوح ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (
إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ ) رواه الترمذي (
3537) .
أي : ما لم تبلغ الروح إلى الحلقوم ، وكل ذنب يتوب منه الإنسان فإن الله يتوب
عليه ، قال الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
فأي ذنب وقع فيه الإنسان ثم تاب منه قبلت توبته ، حتى الشرك .
والأصل أن الكافر – ومثله المرتد عن الإسلام- يطلب منه أن ينطق بالشهادتين حتى
يدخل في الإسلام ، فإن كان ذهابك إلى الكاهن من القسم الثاني السابق ذكره ، فلا بد
من الإتيان بالشهادتين ، وحيث إنك قد تبت واستقمت فلا شك أنك قد كررت الشهادتين
مرات ومرات ، فلا يلزمك الآن شيء ، وعليك العزم على عدم العودة لمثل هذا مرة أخرى .
واجتهد في طلب العلم حتى تعبد الله على بصيرة .
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى