أحببت معرفة صحة زواج الإنس بالجان هل هو صحيح وإذا
كان صحيحاً كما أسمع : فكيف يتم ؟
الحمد لله
أولاً:
امتنَّ الله تعالى علينا بأن خلق " الأنثى " من ذات جنسنا ، فكانت بشراً
حتى يحصل
سكن الرجل إليها ، ويحصل بينهما مودة ورحمة ، وحتى يتم إعمار الأرض بالذرية
.
قال تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً
وَجَعَلَ
لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) النحل/ من الآية 72 .
وقال تعالى : ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجًا
لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ
فِي ذَلِكَ
لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم/ 21 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
قوله تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً
وَجَعَلَ
لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) الآية ، ذكر جل وعلا في
هذه الآية
الكريمة : أنَّه امتنَّ على بني آدم أعظم مِنَّة ، بأن جعل لهم من أنفسهم
أزواجاً ،
من جنسهم وشكلهم ، ولو جعل الأزواج من نوع آخر : ما حصل الائتلاف ، والمودة
،
والرحمة ، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكوراً وإناثاً ، وجعل الإناث
أزواجاً
للذكور ، وهذا من أعظم المنن ، كما أنه من أعظم الآيات الدالة على أنه جل
وعلا هو
المستحق أن يعبد وحده .
وأوضح في غير هذا الموضع أن هذه نعمة عظيمة ، وأنها من آياته جل وعلا ،
كقوله : (
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً
لِتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآياتٍ
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ، وقوله : ( أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ
يُتْرَكَ
سُدىً أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً
فَخَلَقَ
فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ) ، وقوله
تعالى :
( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا
زَوْجَهَا
لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ) .
" أضواء البيان " ( 2 / 412 ) .
وأما بخصوص حكم التزاوج والنكاح بين الجن والإنس : فقد اختلف العلماء فيه
إلى ثلاثة
أقوال :
القول الأول : التحريم ، وهو قول الإمام أحمد .
والقول الثاني : الكراهة ، وممن كرهه : الإمام مالك ، وكذا كرهه الحكم بن
عتيبة ،
وقتادة ، والحسن ، وعقبة الأصم ، والحجاج بن أرطاة ، وإسحاق بن راهويه –
وقد يكون
معنى " الكراهة " عند بعضهم : التحريم - .
وهو قول أكثر أهل العلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وكره أكثر العلماء مناكحة الجن .
" مجموع الفتاوى " ( 19 / 40 ) .
والقول الثالث : الإباحة ، وهو قول لبعض الشافعية .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
اختلف العلماء في جواز المناكحة بين بني آدم والجن . فمنعها جماعة من أهل
العلم ،
وأباحها بعضهم .
قال المناوي في " شرح الجامع الصغير " : ففي " الفتاوى السراجية " للحنفية :
لا
تجوز المناكحة بين الإنس والجن وإنسان الماء ؛ لاختلاف الجنس ، وفي " فتاوى
البارزي
" من الشافعية : لا يجوز التناكح بينهما ، ورجح ابن العماد جوازه .
وقال الماوردي : وهذا مستنكر للعقول ؛ لتباين الجنسين ، واختلاف الطبعين ،
إذ
الآدمي جسماني ، والجني روحاني ، وهذا من صلصال كالفخار ، وذلك من مارج من
نار ،
والامتزاج مع هذا التباين مدفوع ، والتناسل مع هذا الاختلاف ممنوع اهـ .
وقال ابن العربي المالكي : نكاحهم جائز عقلاً ، فإن صح نقلاً : فبها ونعمت .
قال مقيده عفا الله عنه : لا أعلم في كتاب الله ولا في سنَّة نبيه صلى الله
عليه
وسلم نصّاً يدل على جواز مناكحة الإنس الجن ، بل الذي يستروح من ظواهر
الآيات عدم
جوازه ، فقوله في هذه الآية الكريمة : ( والله جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ
أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجاً ) النحل/ 72 ممتنّاً على بني آدم بأن أزواجهم من
نوعهم وجنسهم : يُفهم منه أنه ما جعل لهم أزواجاً تباينهم كمباينة الإنس
والجن ،
وهو ظاهر ، ويؤيده قوله تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ
أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً
وَرَحْمَةً ) الروم/ 21 .
فقوله : ( أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجا ) في معرض
الامتنان : يدل
على أنه ما خلق لهم أزواجاً من غير أنفسهم .
" أضواء البيان " ( 3 / 43 ) .
وقال الشيخ ولي زار بن شاهز الدين – حفظه الله - :
أما القضية من حيث الواقع : فالكل قد جوز وقوعها ، وحيث إن النصوص ليست
قاطعة في
ذلك – جوازاً أو منعاً - : فإننا نميل إلى عدم الجواز شرعاً ؛ لما يترتب
على جوازه
من المخاطر التي تتمثل في :
وبهذا نخلص إلى أن فتح الباب سيجر إلى مشكلات لا نهاية لها ، وتستعصي على
الحل ،
أضف إلى ذلك أن الأضرار المترتبة على ذلك يقينية في النفس والعقل والعرض ،
وذلك من
أهم ما يحرص الإسلام على صيانته ، كما أن جواز التناكح بينهما لا يأتي بأية
فائدة .
ولذلك فنحن نميل إلى منع ذلك شرعا ، وإن كان الوقوع محتملاً .
وإذا حدث ذلك ، أو ظهرت إحدى المشكلات من هذا الطراز : فيمكن اعتبارها حالة
مرضية
تعالج بقدرها ، ولا يفتح الباب في ذلك .
" الجن في القرآن والسنة " ( ص 206 ) .
1. وقوع الفواحش بين بني البشر ، ونسبة ذلك إلى عالم الجن ، إذ هو غيب لا
يمكن
التحقق من صدقه ، والإسلام حريص على حفظ الأعراض وصيانتها ودرء المفاسد
مقدَّم على
جلب المصالح ، كما هو مقرر في الشريعة الإسلامية .
2. ما يترتب على التناكح بينهما من الذرية والحياة الزوجية - الأبناء لمن
يكون
نسبهم ؟ وكيف تكون خلقتهم ؟ وهل تلزم الزوجة من الجن بعدم التشكل ؟ - ...
3. إن التعامل مع الجن على هذا النحو لا يسلم فيه عالم الإنس من الأذى ،
والإسلام
حريص على سلامة البشر وصيانتهم من الأذى .