السؤال : إن كان لدى المسلم شكوك حول الإسلام
والنبي صلى الله عليه وسلم فيطلب أن يطمئن قلبه لشكوكه التي تساوره فيسأل
عن مدى صحة معجزة ما جرت على يد النبي صلى الله عليه وسلم فهل يضعه هذا
خارج حظيرة الإسلام؟ وهل يغفر الله مثل تلك الذنوب؟
الجواب :
الحمد لله
على
المسلم أن يحمد الله تعالى ويشكره على نعمة الإسلام والهداية ، فإنها أعظم
النعم ،
كما قال تعالى : (
أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي
بِهِ فِي
النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا
كَذَلِكَ
زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام/122 ، وقال
سبحانه : (
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ
رَبِّهِ
فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي
ضَلَالٍ
مُبِينٍ ) الزمر/22
، وقال : (
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ
أَحَدٍ
أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ) النور/21 .
ولو
نظر هذا المسلم فيما حوله ، وتأمل ما عليه أهل الشرك والوثنية من نصارى
وغيرهم
لأدرك عظيم فضل الله عليه .
ومع
ذلك فقد يعتري المسلم بعض الشكوك ؛ لقلة علمه أو لضعف إيمانه ، أو لوجود من
يشككه ،
فيلزمه حينئذ أن يرفع الشك عنه بسؤال أهل العلم ، والتدبر في كلام الله
تعالى وكلام
نبيه صلى الله عليه وسلم ، والنظر في السيرة والآيات والمعجزات ، فإن ذلك
مما يزيد
الإيمان ويوصل إلى طمأنينة القلب وانشراح الصدر .
ولا
حرج أن يسأل عن المعجزة وعن صحتها ليزداد يقينا وثباتا ، ولا يعد سؤاله هذا
خروجا
عن الإسلام ، لكن ليحذر من التمادي في الشك أو الانقطاع عن العمل كأن يترك
الصلاة
عياذا بالله ، فإن ترك الصلاة كفر على الراجح من قولي العلماء .
وليعلم المسلم أنه مهما أذنب من ذنب ثم تاب واستغفر فإن الله تعالى يغفر له
مهما
كان ذنبه ، وقد تاب الله تعالى على أناس عاشوا دهرهم في الكفر والشرك والصد
عن سبيل
الله ، ثم صاروا أئمة للهدى ومصابيح للدجى ومنارات على طريق الحق
والاستقامة ، وقد
قال تعالى : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ
عَنْ
عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ )
التوبة/104 ، وقال : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ
وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25 .
فمهما عظم الذنب ، فإن رحمة الله وعفوه وكرمه أعظم .
وقد
أحسن من قال :
يا
رب إن عظمت ذنوبي كثرة *** فلقد علمت بأن عفوك أعظمُ
إن
كان لا يرجوك إلا محسن *** فمن الذي يدعو ويرجو المجرمُ
ونصيحتنا لمن ابتلي بشيء من الشكوك أن يقبل على كتاب الله تعالى فإنه
الدواء
والشفاء ، كما قال سبحانه : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ
شِفَاءٌ
وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا )
الإسراء/82 .
ولينطرح بين يدي الله ، يدعوه ويرجوه أن يزيل همه ، ويفرج كربه ، وينوّر
قلبه ،
ويُذهب عنه كيد الشيطان .
وإن
كان شكه مبنيا على شبهة معينة فليسأل عنها أهل العلم ، فإن دين الإسلام من
العظمة
والقوة بحيث لا يقف في وجهه شبهة ، ولا تقاومه حجة .
وإن
كان ما يأتيه نوع من الوسوسة التي لا تقوم على شبهة معينة ، فإن علاجها
بالذكر
والطاعة والاستعاذة والتشاغل والتغافل عنها ، و
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .