السؤال : إذا قيل إن الميت يحيا في القبر ، فهل هي
نفس حياته الأولى ، وكم حاسة ترجع إليه ، وإلى كم تبقى حياته في القبر ،
وإذا كان الميت تُسأل جثته ، فما مصير الذين يحرقون مثل الهندوس واليابان
وغيرهم ، وأين يتم سؤالهم ؟
إن الطبيب عندما يجري العملية يبعد الحواس لدى الإنسان عنه بمخدر .. أما
هذا الموت فإني أتساءل كيف هو؟.
الجواب :
الحمد لله
أولاً : ينبغي أن يعلم أن الواجب على كل مؤمن ومؤمنة : التصديق بما
أخبر الله
به في كتابه ، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من جميع الأمور
المتعلقة
بالآخرة والحساب والجنة والنار ، وفيما يتعلق بالموت والقبر وعذابه
ونعيمه ،
وسائر أمور الغيب مما جاء في القرآن الكريم أو صحت به السنة المطهرة ،
فعلينا
الإيمان والتسليم والتصديق بذلك ، لأننا نعلم أن ربنا هو الصادق فيما
يقوله سبحانه
وفيما يخبر به جل وعلا ، لقوله تعالى : ( ومن أصدق من الله قيلاً )
النساء/122
، وقوله سبحانه : ( ومن أصدق من الله حديثاً ) النساء /78 .
ونعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق الناس ، وأنه لا ينطق عن
الهوى إن
هو إلا وحي يوحى ، فما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة ، وجب التصديق به
وإن لم
نعرف حقيقته . فالواجب علينا أن نصدق بما جاء به من أمر الآخرة وأمر
الجنة والنار
، ومن نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار وكون العبد في القبر يعذب أو
ينعم ، وترد
إليه روحه , كل هذا حق جاءت به النصوص ، فعلى العبد أن يسلم بذلك ،
ويصدق كل
ما علمه من القرآن , أو صحت به السنة أو أجمع عليه علماء الإسلام .
ثم إذا من الله على المؤمن والمؤمنة بمعرفة
الحكمة
في ذلك والأسرار ، فهذا خير إلى خير ، ونور على نور وعلم على علم ،
فليحمد الله
وليشكره على ما أعطاه من العلم والبصيرة في ذلك التي من الله بها عليه
حتى زاد
علمه , وزادت طمأنينته .
أما ما يتعلق بالسؤال في القبر ، وحال الميت
فإن
السؤال حق ، والميت ترد إليه روحه ، وقد صحت بذلك الأخبار عن رسول الله
صلى الله
عليه وسلم وحياة الميت في قبره غير حياته الدنيوية ، بل هي حياة خاصة
برزخية
، ليست من جنس حياته في الدنيا التي يحتاج فيها إلى الطعام والشراب
ونحو
ذلك , بل هي حياة خاصة يعقل معها السؤال والجواب ، فيسأله الملكان من
ربك ؟ وما
دينك ؟ ومن نبيك ؟
فالمؤمن يقول : ربي الله ، والإسلام ديني ،
ومحمد
نبيي هكذا يجيب المؤمن والمؤمنة , ويقال له : ما علمك بهذا الرجل ؟ (
محمد صلى
الله عليه وسلم ) فيقول : هو رسول الله ، جاءنا بالهدى فآمنا به
وصدقناه ، واتبعناه
، فيقال له : قد علمنا إن كنت لمؤمناً ، ويفتح له باب إلى الجنة ،
فيأتيه من
روحها ونعيمها ، ويقال : هذا مكانك حتى يبعثك الله إليه ، ويرى مقعده
من النار
، ويقال له : هذا مكانك لو كفرت بالله ، أما الآن فقد أعاذك الله منه
وصرت إلى
الجنة .
أما الكافر فإذا سئل عن ربه ودينه ونبيه ،
فإنه
يقول : هاه هاه لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ، فيضرب
بمرزبة من حديد
فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين : يعني الجن والإنس ، وتسمعها
البهائم
، فيفتح له باب إلى النار ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ، ويكون
قبره عليه
حفرة من حفر النار ، ويفتح له باب إلى النار يأتيه من سمومها وعذابها :
ويقال
: هذا مكانك حتى يبعثك الله إليه ، ويفتح له باب إلى الجنة فيرى مقعده
في الجنة
، ويقال له : هذا مكانك لو هداك الله .
وبذلك يعلم أن القبر إما روضة من رياض الجنة
أوإما
حفرة من حفر النار . والعذاب والنعيم للروح والجسد جميعاً في القبر ،
وهكذا في
الآخرة في الجنة أو في النار .
أما من مات بالغرق أو بالحرق أو بأكل السباع :
فإن روحه يأتيها نصيبها من العذاب والنعيم ، ويأتي جسده من ذلك في البر
أو البحر
، أو في بطون السباع ما شاء الله من ذلك ، لكن معظم النعيم والعذاب على
الروح
التي تبقى ؛ إما منعمة وإما معذبة ، فالمؤمن تذهب روحه إلى الجنة ، قال
النبي
صلى الله عليه وسلم : ( إن روح المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة ، يأكل
من ثمارها
، والكافر تذهب روحه إلى النار ) .
فالواجب على كل مسلم ومسلمة الاطمئنان إلى ما
أخبر
به الله عز وجل ، وأخبر به رسوله عليه الصلاة والسلام ، وأن يصدق بذلك
على الوجه
الذي أراده الله عز وجل ، وإن خفي على العبد بعض المعنى ، فلله الحكمة
البالغة سبحانه .