س - ما علة عدم
طهارة الميت والحائض على الرغم من وجود البكتيريا في جسد الرجل الصحيح الحي
أفيدونا بوجهة الإسلام في هذا الأمر
بسم الله والحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
الأخ الكريم السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته
الأصل في العبادات
التعبد ، وما يترتب على الموت وكذلك الحيض من أمور شرعية يجب التسليم بها ،
والبحث عن علل هذه الأحكام ليس شرطا ، لأنها أحكام شرعية نتعبد بها ولكن
البحث في العلل أو الحكم التي وراء الأحكام قد يساعدنا على الفهم والتسليم
بالشرع .
وبالنسبة للعلة من
نجاسة الميت ذهب العلماء إلى أن العلة هي الموت ، وقيل العلة الحدث ، لأن
الموت سبب للاسترخاء وزوال العقل , وهو القياس في الحي ، لكثرة تكرر سبب
الحدث منه . وقيل لأن الآدمي حيوان دموي فيتنجس بالموت كسائر الحيوان . وقد
ظهر الحكم جليا في صلاة الجنازة على الميت .
أما الحيض فالعبرة في
نجاسته أنه دم ليس مسفوحا . أما الديدان والبكتيريا التي توجد في المعدة
فقد حكم الفقهاء بطهارة المعدة وما فيها إلاّ إذا استحال شيئا آخر كالقيء
.
والراجح من هذا كله هو
ما يخرج من الميت أو من الحائض أما ما كان في جوف الإنسان ولم يخرج فلا
يؤثر علي نجاسة صاحبه.
جاء في فتح القدير :
غسل الميت فرض
بالإجماع .. واختلف في سبب وجوبه قيل ليس لنجاسة تحل بالموت بل للحدث ; لأن
الموت سبب للاسترخاء وزوال العقل وهو القياس في الحي ، فلما لم يلزم سبب
الحرج في الميت عاد الأصل ; ولأن نجاسة الحدث تزول بالغسل لا نجاسة الموت
لقيام موجبها بعده .
وقيل وهو الأقيس سببه
نجاسة الموت ; لأن الآدمي حيوان دموي فيتنجس بالموت كسائر الحيوان , ولذا
لو حمل ميتا قبل غسله لا تصح صلاته , ولو كان للحدث لصحت كحمل المحدث .
غاية ما في الباب أن الآدمي المسلم خص باعتبار نجاسته الموتية زائلة بالغسل
تكريما , بخلاف الكافر فإنه لا يطهر بالغسل ولا تصح صلاة حامله بعده .
وجاء في المجموع شرح
المهذب للشيرازي :
جاء حديث عائشة رضي
الله عنها { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمستحاضة : إذا أقبلت الحيضة
فدعي الصلاة , وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي } رواه البخاري ومسلم .
وعن أسماء رضي الله عنه قالت : { جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقالت : إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع به ؟ قال تحته ثم
تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه } رواه البخاري ومسلم . والدلائل على
نجاسة الدم متظاهرة , ولا أعلم فيه خلافا عن أحد من المسلمين إلا ما حكاه
صاحب الحاوي عن بعض المتكلمين أنه قال : هو طاهر , ولكن المتكلمين لا يعتد
بهم في الإجماع والخلاف على المذهب الصحيح الذي عليه جمهور أهل الأصول من
أصحابنا وغيرهم لا سيما في المسائل الفقهيات.
حاشية الدسوقي على
الشرح الكبير :
( ودم لم يسفح ) - أي
لم يخرج بعد الذبح - وهو الذي لم يجر بعد موجب خروجه بذكاة شرعية وهو
الباقي في العروق وكذا ما يوجد في قلب الشاة بعد ذبحها وأما ما يوجد في
بطنها فهو من المسفوح فيكون نجسا وكذا الباقي في محل الذبح لأنه من بقية
الجاري. أ .هـ ولا شك أن الدم النازل في الحيض هو من هذا النوع المسفوح ،
لذا فهو غير طاهر .
وجاء في حاشية الدسوقى
على الشرح الكبير عن علة طهارة ما في المعدة :
المعدة عندنا طاهرة
لعلة الحياة وما يخرج منها طاهر وعلة نجاسة القيء الاستحالة إلى فساد . أهـ
فما دام الإنسان حيا وأعضاؤه سليمة فهي طاهرة وما بها يأخذ حكمها فإن
خرج وتغير وصفه يأخذ حكما آخر بعد التغيير .
والله أعلم