محمودعلى ـــــــــــــــــــــــ
عدد المساهمات : 923 نقاط : 2711 تاريخ التسجيل : 24/04/2010 الموقع : MAHMOUD_TOTO2010XB المزاج : اخر روقان
| موضوع: البغض في الله السبت يونيو 19, 2010 4:02 pm | |
| أعلم أن كل من يحب في الله لا بد أن يبغض في الله فإنك إن أحببت إنسانا لأنه مطيع لله ومحبوب عند الله فإن عصاه فلا بد أن تبغضه لأنه عاص لله وممقوت عند الله ومن أحب بسبب فبالضرورة يبغض لضده
وإنما المشكل إذا اختلطت الطاعات بالمعاصي،،،،،،،،، فإنك تقول كيف أجمع بين البغض و المحبة وهما متناقضان وكذلك تتناقض ثمرتهما من الموافقة و المخالفة و الموالاة و المعاداة
و أقول ذلك غير متناقض في حق الله تعالى كما لا يتناقض في الحظوظ البشرية فإنه مهما اجتمع في شخص واحد خصال يحب بعضها ويكره بعضها فإنك تحبه من وجه وتبغضه من وجه
فإن قلت كل مسلم فإسلامه طاعة منه فكيف ابغضه مع الإسلام فأقول تحبه لإسلامه وتبغضه لمعصيته وتكون معه على حالة لو قستها بحال كافر أو فاجر أدركت تفرقة بينهما وتلك التفرقة حب للإسلام وقضاء لحقه وقدر الجناية على حق الله و الطاعة له كالجناية على حقك و الطاعة لك فمن وافقك على غرض وخالفك في آخر فكن معه على حالة متوسطة بين الانقباض و الاسترسال وبين الإقبال و الأعراض وبين التودد إليه و التوحش عنه
فهكذا ينبغي أن يكون فيمن يطيع الله تعالى ويعصيه ويتعرض لرضاه مرة و لسخطه أخرى فإن قلت فيماذا يمكن إظهار البغض فأقول أما في القول فبكف اللسان عن مكالمته ومحادثته مرة وبالاستخفاف و التغليظ في القول أخرى وأما في الفعل فبقطع السعي في إعانته مرة وبالسعي في إساءته وإفساده مآربه أخرى وبعض هذا أشد من بعض وهي بحسب درجات الفسق و المعصية الصادرة منه
أما ما يجري مجرى الهفوة التي يعلم انه متندم عليها ولا يصر عليها فالأولى فيه الستر و الإغماض
أما ما أصر عليه من صغيرة أو كبيرة فإن كان ممن تأكدت بينك وبينه مودة وصحبة وأخوة فله حكم آخر وسيأتي وفيه خلاف بين العلماء وأما إذا لم تتأكد أخوة وصحبة فلا بد من إظهار أثر البغض إما في الإعراض و التباعد عنه وقلة الالتفات إليه وإما في الاستخفاف وتغليظ القول عليه وهذا أشد من الإعراض وهو بحسب غلظ المعصية وخفتها
وطرق السلف قد اختلفت في إظهار البغض مع أهل المعاصي وكلهم اتفقوا على إظهار البغض للظلمة و المبتدعة وكل من عصى الله بمعصية متعدية منه إلى غيره
فأما من عصى الله في نفسه فمنهم من نظر بعين الرحمة إلى العصاة كلهم ومنهم من شدد الإنكار واختار المهاجرة
فإنا نعلم أن الذين شربوا الخمر و تعاطوا الفواحش في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة ما كانوا يهجرون بالكلية بل كانوا منقسمين فيهم إلى من يغلظ القول عليه ويظهر البعض له و إلى من يعرض عنه ولا يتعرض له و إلى من ينظر إليه بعين الرحمة ولا يؤثر المقاطعة و التباعد فهذه دقائق دينية تختلف فيها طرق السالكين لطريق الآخرة ويكون عمل كل واحد على ما يقتضيه حاله ووقته
فأعلم أن المخالف لأمر الله سبحانه لا يخلو إما أن يكون مخالفا في عقده أو في عمله و المخالف في العقد إما مبتدع أو كافر والمبتدع إما داع إلى بدعته أو ساكت و الساكت إما بعجزه أو باختياره
فأقسام الفساد في الاعتقاد
ثلاثة
الأول الكفر
فالكافر إن كان محاربا فهو يستحق القتل و الإرقاق وليس بعد هذين إهانة
وأما الذمي فإنه لا يجوز إيذاؤه إلا بالإعراض عنه و التحقير له بالاضرار إلى أضيق الطريق وبترك المفاتحة بالسلام فإذا قال السلام عليك قلت وعليك والأولى الكف عن مخالطته ومعاملته ومواكلته وأما الانبساط معه والاسترسال إليه كما يسترسل إلى الأصدقاء فهو مكروه كراهة شديدة يكاد ينتهي ما يقوى منها إلى حد التحريم قال تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم
وقال عز وجل يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء
الثاني المبتدع
الذي يدعو إلى بدعته فإن كانت البدعة بحيث يكفر بها فأمره أشد من الذمي لأنه لا يقر بجزية ولا يسامح بعقد ذمة
وإن كان ممن لا يكفر به فأمره بينه وبين الله أخف من أمر الكافر لا محالة ولكن الأمر في الإنكار عليه أشد منه على الكافر لأن شر الكافر غير متعد فإن المسلمين اعتقدوا كفره فلا يلتفتون إلى قوله إذ لا يدعى لنفسه الإسلام واعتقاد الحق أما المبتدع الذي يدعوا إلا البدعة ويزعم أن ما يدعو إليه حق فهو سبب لغواية الخلق فشره متعد فالاستحباب في إظهار بغضه ومعاداته والانقطاع عنه وتحقيره والتشنيع عليه ببدعته وتنفير الناس عنه أشد
وكذلك الأولى كف الإحسان إليه والإعانة له لا سيما فيما يظهر للخلق
الثالث المبتدع العامي
الذي لا يقدر على الدعوة ولا يخاف الاقتداء به فأمره أهون فالأولى أن لا يقابح بالتغليظ و الإهانة بل يتلطف به في النصح فإن قلوب العوام سريعة التقلب
فإن لم ينفع النصح وكان في الإعراض عنه تقبيح لبدعته في عينه تأكد الاستحباب في الإعراض وإن علم أن ذلك لا يؤثر فيه لجمود طبعه ورسوخ عقده في قلبه فالإعراض أولى لأن البدعة إذا لم يبالغ في تقبيحها شاعت بين الخلق وعم فسادها
وأما العاصي بفعله وعمله لا باعتقاده
فلا يخلو إما أن يكون بحيث يتأذى به غيره كالظلم و الغضب وشهادة الزور و الغيبة و التضريب بين الناس و المشي بالنميمة وأمثالها أو كان مما لا يقتصر عليه ويؤذى غيره وذلك ينقسم إلى
- ما يدعو غيره إلى الفساد كصاحب الماخور الذى يجمع بين الرجال والنساء ويهيء أسباب الشرب والفساد لأهل الفساد
-أو لا يدعو غيره إلى فعله كالذي يشرب ويزني وهذا الذي لا يدعو غيره إما أن يكون عصيانه بكبيرة أو بصغيرة وكل واحد فأما أن يكون مصرا عليه أو غير مصر
فهذه التقسيمات يتحصل منها ثلاثة أقسام ولكل قسم منها رتبة وبعضها أشد من بعض ولا نسلك بالكل مسلكا واحدا
القسم الأول
وهو أشدها ما يتضرر به الناس
كالظلم و الغصب وشهادة الزور و الغيبة و النميمة فهؤلاء الأولى الإعراض عنهم وترك مخالطتهم و الانقباض عن معاملتهم لأن المعصية شديدة فيما يرجع إلى إيذاء الخلق ثم هؤلاء ينقسمون إلى
من يظلم في الدماء
وإلى من يظلم في الأموال
وإلى من يظلم في الأعراض
وبعضها أشد من بعض فالاستحباب في إهانتهم و الإعراض عنهم مؤكد جدا و مهما كان يتوقع من الإهانة زجرا لهم أو لغيرهم كان الأمر فيه آكد وأشد
الثاني
صاحب الماخور الذي يهيء أسباب الفساد
ويسهل طرقه على الخلق فهذا لا يؤذي الخلق في دنياهم ولكن يختلس بفعله دينهم وإن كان وفق رضاهم فهو قريب من الأول ولكنه أخف منه فإن المعصية بين العبد و بين الله تعالى إلى العفو أقرب ولكن من حيث إنه متعد على الجملة إلى غيره فهو شديد وهذا أيضا يقتضي الإهانة و الإعراض و المقاطعة وترك جواب السلام إذا ظن أن فيه نوعا من الزجر له أو لغيره
الثالث
الذي يفسق في نفسه
بشرب خمر أو ترك واجب أو مقارفة محظور يخصه فالأمر فيه أخف ولكنه في وقت مباشرته إن صودف يجب منعه بما يمتنع به منه ولو الاستخفاف فإن النهي عن المنكر واجب وإذا فرغ منه وعلم أن ذلك من عادته وهو مصر عليه فإن تحقق أن نصحه يمنعه عن العود إليه وجب النصح وإن لم يتحقق ولكنه كان يرجو فالأفضل النصح و الزجر بالتلطف أو بالتغليظ إن كان هو الأنفع
و الصحيح أن ذلك يختلف باختلاف نية الرجل فعند هذا يقال الأعمال بالنيات إذ في الرفق و النظر بعين الرحمة إلى الخلق نوع من التواضع وفي العنف و الإعراض نوع من الزجر و المستفتي فيه القلب فما يراه أميل إلى هواه ومقتضى طبعه فالأولى ضده إذ قد يكون استخفافه وعنفه عن كبر وعجب و التذاذ بإظهار العلو و الإدلال بالصلاح وقد يكون رفقه عن مداهنة واستمالة قلب للوصول به إلى غرض أو الخوف من تأثير وحشته ونفرته في جاه أو مال بظن قريب أو بعيد وكل ذلك مردد على إشارات الشيطان وبعيد عن أعمال أهل الآخرة وكل راغب في أعمال الدين مجتهد مع نفسه في التفتيش عن هذه الدقائق ومراقبة هذه الأحوال و القلب هو المفتي فيه وقد يصيب الحق في اجتهاده وقد يخطيء وقد يقدم على اتباع هواه وهو عالم به وقد يقدم وهو بحكم الغرور ظان انه عامل لله وسالك طريق الآخرة
ويدل على تخفيف الأمر في الفسق القاصر الذي هو بين العبد وبين الله ما روى أن شارب خمر ضرب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعود فقال واحد من الصحابة لعنه الله ما أكثر ما يشرب فقال صلى الله عليه وسلم لا تكن عونا للشيطان على أخيك أخرجه البخاري وكان هذا إشارة إلى أن الرفق أولى من العنف و التغليظ
| |
|