السؤال :
كثيراً ما يتحدث الناس عن الأطفال وعن أمراضهم وعن عاهاتهم وأيضاً عن
مصيرهم في الآخرة ، فكيف نصحح عقيدة بعض الذين يخطئون ويقولون : إن الأطفال
لا ذنب لهم فكيف يمرضون وكيف يصابون بالعاهات ؟ وما هو مصيرهم في الآخرة؟
الجواب :
الحمد لله
"إن
الله عز وجل أخبر عن نفسه بأنه حكيم عليم ، وأنه جل وعلا يبتلي عباده
بالسراء
والضراء والشر والخير ليختبر صبرهم ويختبر شكرهم ، والأطفال وإن كانوا لا
ذنب عليهم
فالله يبتليهم بما يشاء لحكمة بالغة ، منها اختبار صبر آبائهم وأمهاتهم
وأقاربهم ،
واختبار شكرهم ، وليعلم الناس أنه جل وعلا حكيم عليم يتصرف في عباده كيف
يشاء ،
وأنه لا أحد يمنعه من تنفيذ ما يشاء سبحانه وتعالى في الصغير والكبير
والحيوان
والإنسان .
فما
يصيبهم من أمراض وعاهات فيه حكمة بالغة ، منها : ليعلم الناس قدرته على كل
شيء ،
وأنه يبتلي بالسراء والضراء حتى يعرف من رزق أولاداً سالمين فضل نعمة الله
عليه ،
وحتى يبصر من ابتلى بأولاد أصيبوا بأمراض فيصبر ويحتسب ويكون له الأجر
العظيم
والفضل الكبير على صبره واحتسابه وإيمانه بقضاء الله وقدره وحكمته .
وأما مصيرهم في الآخرة فهم تبع أهليهم .
أولاد المسلمين في الجنة مع أهليهم ، أجمع على هذا أهل السنة والجماعة ،
حكاه
الإمام أحمد وغيره.
أما
أولاد الكفار فقد سئل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له : يا رسول
الله ، ما
ترى في أولاد المشركين ؟ قال : (الله أعلم بما كانوا عاملين) قال أهل العلم
: معناه
: أنهم يُمتحنون يوم القيامة حتى يظهر علم الله فيهم يوم القيامة ، وهم من
جنس أهل
الفترات الذين لم تأتهم الرسل ، ولم تبلغهم الرسل ، وأشباههم ممن لم يصل
إليهم رسول
، فإنهم يمتحنون ويختبرون يوم القيامة بأوامر توجه إليهم ، فإن أجابوا
صاروا إلى
الجنة ، وإن أعرضوا صاروا إلى النار ، وقد ثبت هذا في أحاديث صحيحة عن رسول
الله
عليه الصلاة والسلام .
فعند هذا يظهر علم الله فيهم فيكونون على حسب ما ظهر من علم الله فيهم ، إن
أطاعوا
صاروا إلى الجنة وإن عصوا صاروا إلى النار هذا هو المعتمد فيهم ، وهذا هو
القول
الصواب فيهم .
وقال جماعة من أهل العلم : إنهم يكونون في الجنة ؛ لأنه لا ذنب عليهم ،
فيكونون في
الجنة كأولاد المسلمين ، ولكنه قول مرجوح ، والصواب أنهم يُمتحنون
ويُختبرون يوم
القيامة ؛ لأن الله سبحانه قال : (وَمَا
كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) الإسراء/15 ، فهو لا يعذب
إلا
بمعصية من المعذَّب أو كُفْرٍ من المعذَّب ، والأطفال ليس منهم معصية ولا
كفر ،
فلهذا يمتحنون يوم القيامة كما يمتحن الذين لم تبلغهم دعوة" انتهى .
سماحة
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/358 – 260) .