السؤال:
هل من يسمع الأغاني في الدنيا لا يسمعها في الجنة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
ورد
في السنة بعض ما يدل على أن من أنواع النعيم الذي يلقاه أهل الجنة الاستماع
إلى
أصوات جميلة تستفرغ لذاتهم ، حتى عقد ابن القيم رحمه الله في كتابه " حادي
الأرواح
" في الباب السابع والخمسين فصلا كاملا في " ذكر سماع الجنة وغناء الحور
العين وما
فيه من الطرب واللذة " (ص/358-365) جمع فيه كل ما ورد في هذا الباب من صحيح
وضعيف .
ولعل من أصح ما ورد في ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله
عليه
وسلم قال :
(
إِنَّ أَزْوَاجَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُغَنِّينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ
أَصْوَاتٍ سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطُّ ، إِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ : نَحْنُ
الْخَيِّرَاتُ الْحِسَانُ أَزْوَاجُ قَوْمٍ كِرَامٍ )
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (5/149)، وصححه الألباني في " صحيح
الترغيب "
(3/269)
ثانيا :
من
المعلوم أيضا أن استماع المعازف في الدنيا من المحرمات التي ثبت تحريمها في
الكتاب
والسنة الصحيحة ، وقرر ذلك فقهاء المذاهب الأربعة ، فمن تهاون في الوقوع في
هذه
المعصية استحق الإثم والعذاب على ارتكابه لذلك ، كما هو الحال في سائر ما
حرم الله
على عباده في الدنيا .
ولم
يرد دليل على أن من سمع المعازف في الدنيا حُرم من سماع الغناء والأصوات
الجميلة في
الجنة حين يدخلها ، وإن كان بعض أهل العلم يذكر أن من عقوبة من تنعم بشيء
على وجه
محرم في الدنيا ، أن يحرم من التنعم به في الجنة ، أو ينقص حظه منه فيها ،
كما أن
من لبس الذهب أو الحرير من الرجال في الدنيا ، يحرم منه في الجنة .
قال
ابن القيم رحمه الله :
"
إذا كان – الله عز وجل - قد عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسه يوم
القيامة ،
وشارب الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة ، فكذلك مَن تمتع بالصور
المحرمة
في الدنيا ، بل كل ما ناله العبد في الدنيا ، فإن توسع في حلاله ، ضيق من
حظه يوم
القيامة بقدر ما توسع فيه ، وإن ناله من حرامٍ فاته نظيرُه يوم القيامة "
انتهى.
"
روضة المحبين " (ص/362) .
لكن
الجزم بذلك ، أو القول بأن هذا الحرمان على وجه التأبيد : مما يحتاج إلى
دليل
بخصوصه ، فالله أعلم بحقيقة الحال .
ثالثا :
أما
ما ورد من أحاديث يدل ظاهرها على أن من سمع الغناء في الدنيا لم يسمعه في
الآخرة
فهي أحاديث ضعيفة جدا ، من أشهرها حديث :
(
من لها بالغناء ، لم يؤذن له أن يسمع صوت الروحانيين يوم القيامة . قيل :
وما
الروحانيون ؟ قال : قراء أهل الجنة )
قال
الشيخ الألباني رحمه الله :
"
موضوع ، أخرجه الواحدي في تفسيره "الوسيط" (3/441 - 442 – طبع دار الكتب
العلمية)
من طريق حماد بن عمرو عن أبي موسى - من ولد أبي هريرة - عن أبيه عن جده
مرفوعاً .
قلت
– أي الشيخ الألباني رحمه الله - : وهذا موضوع ، آفته ( حماد بن عمرو ) -
وهو:
النصيبي - ، قال الذهبي في "المغني": روى عن الثقات موضوعات، قاله النقاش،
وقال
النسائي: متروك . وهو معدود فيمن يضع الحديث، كما قال ابن عدي وغيره - كما
يأتي
في
الحديث الذي بعده – " انتهى.
"
السلسلة الضعيفة " (رقم/6516) .
والله أعلم .