السؤال:
المرأة إذا طلقت وماتت لمن تكون في الجنة ؟
الجواب:
الحمد لله
المرأة التي تكون من أهل الجنة ولم تكن متزوجة في الدنيا ، أو كانت متزوجة
ولم يكن
زوجها من أهل الجنة ، أو كانت متزوجة وطُلِّقت طلاقاً بائناً وماتت : فإن
حكمهن
واحد ، وهو أن الله تعالى يزوجهن في الجنة من أهلها .
وليعلم بأن نعيم الآخرة ليس مختصاً بالرجال دون النساء ، بل هو عام للجنسين
، وقد
نصَّ الله تعالى في كتابه على ذلك ، فقال : (وَمَنْ
يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَأُولَئِكَ
يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)
النساء /
124
.
وقال تعالى : (مَنْ
عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ)
النحل/97
.
وقال تعالى : (وَفِيهَا
مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ)
الزخرف/71
.
وقال : (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي
أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ)
فصلت/31
.
وقد ذكر بعض أهل العلم حكَماً في ذِكر الحور العين للرجال دون أزواج النساء
في
الجنة ، فقال بعضهم : لأن هذا مما تستحي منه النساء . وقال آخرون : لأن
الرجل هو
الطالب دون المرأة .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن يكون في الجنة " أعزب " ، وهو
يؤكد ما
قلناه من أن الله تعالى يزوج الرجال والنساء فيها .
فعن
محمد بن سيرين قال : إما تفاخروا وإما تذاكروا : الرجال في الجنة أكثر أم
النساء ؟
فقال أبو هريرة : أو لم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : (إن أول زمرة
تدخل
الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والتي تليها على أضوأ كوكب دري في
السماء ، لكل
امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، وما في الجنة
أعزب) .
رواه مسلم (2834) .
وقد
سئل
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
:
إذا كانت المرأة من أهل الجنة ولم تتزوج في الدنيا أو تزوجت ولم يدخل زوجها
الجنة
،
فمن
يكون لها ؟
فأجاب :
"الجواب يؤخذ من عموم قوله تعالى : (ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها
ما تدعون
. نزلاً من غفور رحيم)
،
ومن قوله تعالى : (وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون)
،
فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة ولم تتزوج ، أو كان زوجها ليس من أهل الجنة
:
فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال ، وهم
-
أعني من لم يتزوجوا من الرجال – لهم زوجات من الحور ، ولهم زوجات من أهل
الدنيا إذا
شاءوا واشتهت ذلك أنفسهم ، وكذلك نقول بالنسبة للمرأة إذا لم تكن ذات زوج ،
أو كانت
ذات زوج في الدنيا ولكنه لم يدخل معها الجنة : إنها إذا اشتهت أن تتزوج فلا
بد أن
يكون لها ما تشتهيه لعموم هذه الآيات .
ولا
يحضرني الآن نص خاص في هذه المسألة والعلم عند الله تعالى" انتهى .
"
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 2 / السؤال رقم 177 ) .
وقال
الشيخ رحمه الله أيضاً
:
"وإذا لم تتزوج في الدنيا
:
فإن
الله تعالى يزوجها ما تقر به عينها في الجنة ، فالنعيم في الجنة ليس
مقصوراً على
الذكور ، وإنما هو للذكور والإناث ، ومن جملة النعيم : الزواج .
وقول السائل : " إن الله تعالى ذكر الحور العين وهن زوجات ولم يذكر للنساء
أزواجاً
"
: فنقول
: إنما ذكر الزوجات للأزواج لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة
فلذلك ذكرت
الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء
،
ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج
،
بل
لهن أزواج من بني آدم" انتهى .
"
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 2 / السؤال رقم 178 ) .
والله أعلم .