رأيت رجلا يتوضأ،
ويبدأ بغسل يده اليسرى قبل اليمنى، فقلت له: وضوؤك غير صحيح، فقال:الترتيب
في الوضوء غير واجب ،المهم غسل الأعضاء، فهل هذا الكلام صحيحا؟
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة
والسلام على رسول الله ، وبعد:
فترتيب غسل أعضاء الوضوء سنة ، وقيل
بفرضيته ، وهو الأولى فعلا لا حكما، يعني أن الأولى في الفعل الترتيب،
والأرجح في الحكم أنه سنة .
فيرى بعض الفقهاء أن ترتيب أفعال
الوضوء سنة، وهو مذهب المتأخرين من أصحاب مالك ، وبه قال أبو حنيفة والثوري
وداود.
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ما أبالي بأي
أعضائي بدأت .
ويرى البعض أنه فريضة، وبه قال الشافعي
وأحمد وأبو عبيد، وهذا في أفعال الوضوء المفروضة.
وأما ترتيب الأفعال المفروضة مع
الأفعال المسنونة فهو عند مالك مستحب؛ ويرى أبو حنيفة أنه سنة.
وقد أوضح الإمام ابن رشد سبب هذا
الاختلاف وأرجع إلى أمرين :
الأول : الاشتراك الذي في واو العطف،في
قوله تعالى :"فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ،وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم
إلى الكعبين"، وذلك أنه قد يعطف بها الأشياء المترتبة بعضها على بعض، وقد
يعطف بها غير المرتبة، وهذا معلوم من كلام العرب، ولذلك انقسم النحويون
فيها قسمين، فقال نحاة البصرة: ليس تقتضي نسقا ولا ترتيبا، وإنما تقتضي
الجمع فقط، وقال الكوفيون: بل تقتضي النسق والترتيب؛ فمن رأى أن الواو في
آية الوضوء تقتضي الترتيب قال بإيجاب الترتيب، ومن رأى أنها لا تقتضي
الترتيب لم يقل بإيجابه.
والسبب الثاني اختلافهم في أفعاله عليه
الصلاة والسلام، هل هي محمولة على الوجوب أو على الندب؟ فمن حملها على
الوجوب قال بوجوب الترتيب، لأنه لم يرو عنه عليه الصلاة والسلام أنه توضأ
قط إلا مرتبا، ومن حملها على الندب قال إن الترتيب سنة، ومن فرق بين
المسنون والمفروض من الأفعال قال: إن الترتيب الواجب إنما ينبغي أن يكون
في الأفعال الواجبة، ومن لم يفرق قال: إن الشروط الواجبة قد تكون في
الأفعال التي ليست واجبة.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية :
والترتيب
إنما يكون في عضوين مختلفين , فإن كانا في حكم العضو الواحد لم يجب ,
ولهذا لا يجب الترتيب بين اليمنى واليسرى في الوضوء اتفاقا . ولكن يسن
, لأن { النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن } .
والله
أعلم